آخر تحديث 5 ديسمبر، 2023
نظرة عامة عن سوق العقارات التركية
شهد سوق العقارات التركية في الآونة الأخيرة قفزة نوعية و ضعته ضمن أكثر الأسواق العالمية الجاذبة للمستثمرين الأجانب. و يمكننا القول أن العديد من الأسباب أثرت في هذه المكانة للسوق التركي و منها الطبيعة الخلابة، الثقافة الغنية، الموقع الاستراتيجي، مشاريع التحضر، التطوير في البنية التحتية و التسهيلات و التحفيزات المقدمة للمستثمرين الأجانب. بالإضافة إلى تقديم عقارات بميزات و جودة عالية بأسعار معقولة و منافسة مقارنة بدول أخرى في أوروبا.
للأسف شهد الاقتصاد التركي بعض التحديات في العام الماضي و الحالي، حاله كحال الاقتصاد العالمي، مما أثر على سوق العقارات. مما دفع بعض المستثمرين، سواء الأجانب أو الأتراك، للتردد في شراء العقارات في تركيا.
لهؤلاء، نقدم في هذا المقال نظرة عامة لوضع السوق العقاري في تركيا، و ما يشهده من تحديات، بالإضافة لمناقشة الاتجاحات الحالية والتوقعات المستقبلية؛ لإعطاء رد كاف على تساؤلاتهم.
التحديات في السوق العقاري التركي
يواجه السوق العقاري في تركيا بعض التحديات نتيجة للظروف الاقتصادية والعالمية التي نمر بها. أهم هذه التحديات:
الانخفاض في مبيعات العقارات
سجلت هذه السنة انخفاض في عدد مبيعات العقارات في الربع الأخير منها، على الرغم من بدايتها التي شهدت ارتفاع نسبي في المبيعات، حيث وصلت نسبة المبيعات في شهر اكتوبر انخفاضاً بنسبة 8.7% مقارنة بنفس الشهر العام الفائت.
كما شهدت الفترة من شهر يناير إلى اكتوبر انخفاض بنسبة 14.3 % مقارنة بنفس الفترة العام الفائت.
على الرغم من هذا الانخفاض، إلا أن خبراء العقارات يتوقعون ارتفاع في مبيعات العقارات مع نهاية العام القادم، اعتماداً على حقيقة أن تركيا تخضع حاليا لفترة تصليحات و التي بدأت آثارها تظهر بالفعل و تؤدي إلى الاستقرار.
بالإضافة إلى أن سوق العقارات التركي سوق حيوي و لا يمكن أن يستمر في الركود بسبب التزايد المستمر للسكان سواء عن طريق الزيادة الطبيعية أو عن طريق الهجرة إلى تركيا. كما أنه بعد الزلزال المدمر الذي شهدته تركيا في بداية السنة تسبب في نقص العقارات و بالتالي ارتفاع الحاجة و الطلب على عقارات حديثة بمقاومة عالية ضد الزلازل. لذا فإن الطلب على العقارات مستمر و يتزايد عام بعد عام.
التضخم
من أهم التحديات التي تشهدها تركيا اليوم هو التضخم الذي وصل إلى مستويات مرتفعة جداً. و قد الانتخابات السياسية و الزلزال أحد أهم العوامل التي أثرت في زيادة التضخم في هذا العام.
و كنتيجة طبيعية للتضخم، ارتفعت تكاليف الحياة بشكل عام و أسعار العقارات بشكل خاص، حيث شهد سوق العقارات التركية قفزة هائلة في أسعار العقارات.
لكن في احصائية أخيرة لشهر أكتوبر أظهرت أنه تم تسجيل معدل تضخم 61.4% و هي أقل قليلاً مقارنة بالأشهر السابقة. مما دفع البنك المركزي التركي إلى مراجعة توقعاته للتضخم لعام 2024 ليشير إلى انخفاض التضخم بحلول النصف الثاني من العام.
تقلبات العملة التركية
أثر التضخم بسعر صرف الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية و وصل إلى أعلى مستوياته مما أثر أيضاً على سوق العقارات التركي. فقد أثرت تقلبات و عدم استقرار الليرة في ارتفاع أسعار مواد البناء التي يتم شراؤها بالعملات الصعبة و بالتالي ارتفاع تكلفة البناء بشكل عام مما أدى لارتفاع أسعار العقارات في تركيا.
كما أدى عدم الاستقرار في سعر صرف العملة إلى خلق مخاوف و تساؤلات لدى المستثمرين من الأتراك و الأجانب حول ربحية الاستثمار العقاري أو إذا كان مجدياً شراء عقار في تركيا الآن.
في الحقيقة يمكننا القول أن الاستثمار الأجنبي في العقارات التركية لن يتأثر بسبب أن تكلفة البناء تعتمد على العملات الصعبة و بالتالي فإن سعر العقار محدد بالعملة الصعبة. لذا، فإن المستثمر الأجنبي الذي يتعامل بالعملات الأجنبية كالدولار الأمريكي أو اليورو، لن يتأثر بتأثر الليرة.
بالإضافة إلى أن السوق التركي بدأ بالتعافي البطيء نتيجة لسلسلة الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة التركية و سيايتها المالية الجديدة و التي يعتقد أن نقطف ثمارها بحلول النصف الثاني من العام القادم و الذي سيشهد تعافي لليرة التركية تدريجياً.
سعر الفائدة
تم على مدار العامين الفائتين، خفض سعر الفائدة في البنوك التركيو مما أثر في زيادة التضخم. إلا أنه في هذا العام، تم رفع سعر الفائدة من 8.5 إلى 25 %، و الذي قد يساهم في إعادة التوازن في الاقتصاد التركي عن طريق خفض معدل التخضم.
على الرغم من التحديات التي يشهدها سوق العقار التركي، إلى أنه في الأشهر الأخير شهد الاقتصاد التركي تعافي و لو بشكل بطيء. و من المرجح الاستمرار نحو التعافي خاصة بعد الإجراءات و التعديلات التي اتخذتها الحكومة التركية للخروج من الأزمة الحالية و يعد من أهم هذه الإصلاحات تعيين السيد محمد شيمشك رئيس لبنك التمويل.
فماذا أضاف محمد شيمشك للوضع الحالي و ما هي السياسات الجديدة؟
الإصلاحات في سوق العقارات التركي
لفهم الوضع الحالي و تأثيره على الوضع العام في تركيا، يجب التعرف عن قرب عن محمد شيمشك لمعرفة أهميته في إحداث التغيير. فمن هو؟
محمد شيمشك
محمد شيمشك هو اقتصادي وشخصية سياسية تركية بارزة. شغل مناصب مهمة في تركيا من بينها: نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية في تركيا من عام 2015 إلى 2018، ووزير المالية للفترة من2009 إلى 2015 ووزير الاقتصاد للفترة من 2007-2009.
إلا أنه اكتسب التقدير و الثقة بسبب إصلاحاته الهيكلية خلال الأزمات الاقتصادية والركود السابقة. لذا، فإن تعيينه خطوة رئيسية لاكتساب ثقة المستثمرين الأجانب و الأتراك. حتى أنه تم بالفعل الاستثمار في البنوك التركية من قبل الأجانب فور تعيينه.
فهو أحد الركائز التي يعتمد عليها الاقتصاد التركي لإعادة توازنهو بالتالي تعافيه.
أهم إصلاحاته:
إعادة تشكيل و إصلاح السياسة المالية
يعد إعادة إصلاح السياسية المالية الخطوة الأولى نحو التعافي من الوضع الحالي، و ذلك من خلال اعتماد سياسة نقدية متشددة من شأنها أن تبطئ التضخم.
ونتيجة لهذه السياسة، أظهر التضخم الذي كان من المتوقع أن يرتفع إلى 65% بنهاية العام، تراجعا في أكتوبر، حيث انخفض معدل التضخم إلى أقل من 61.2% وهي المرة الأولى التي يظهر فيها تباطؤا منذ يونيو من هذا العام.
وبعد هذا التحول الإيجابي في التضخم والاقتصاد بشكل عام، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد تباطؤاً واستقراراً في عام 2024، وتراجع التضخم بدءاً من الربع الثاني من العام نفسه.
ويعطي هذا التوقع إشارة إلى أن السنوات التالية، اعتبارًا من عام 2025، ستشهد نموًا في سوق العقارات في تركيا وعودة و ازدهار الاستثمار الأجنبي.
و الآن بعد هذه الإصلاحات ما الذي نتوقع أن نشهده في الأعوام المقبلة؟
التوقعات المستقبلية في السوق العقاري التركي
يتوقع الاقتصاديون وخبراء العقارات أن يشهد السوق العقاري في تركيا انتعاش مرة أخرى و تطغى على توقعاتهم النظرة الإيجابية. فيما يلي بعض التوقعات المهمة حول سوق العقارات في تركيا.
الاستقرار السياسي
من المتوقع أن تكون السنة المقبلة مستقرة سياسياً بشكل أكبر مما شهده العام الجاري، و ذلك بسبب الانتخابات السياسية و التي أثرت على الاستقرار العام.
و من الطبيعي أن يعزز الاستقرار العام، وخاصة في الاقتصاد، وبالتالي النمو المحتمل الذي يعتقد أنه سيستمر على المدى الطويل لمدة خمس سنوات قادمة.
الاستقرار الاقتصداي و نموه
يعد تعديل سعر الفائدة- الذي تم كجزء من السياسة المالية الصارمة التي نصت على رفع سعر الفائدة إلى 25%- خطوة أساسية لتحقيق اقتصاد أكثر استقراراً و عملة أكثر ثباتاً. و ذلك لأن رفع أسعار الفائدة يؤدي إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية، وبالتالي تحسين ودعم الليرة التركية.
وكما ذكرنا أعلاه، فإن ثمرة السياسة المتشددة في تثبيت تكاليف الحياة قد ظهرت بالفعل، وهذا يثبت أنه في العام التالي، سيستأنف التضخم انخفاضه مما يؤدي إلى النمو الاقتصادي.
استمرارية الدعم للمستثمرين الأجانب
لطالما أبدت الحكومة التركية دعماً كبيراً للمستثمرين الأجانب من خلال توفير بيئة استثمارية مناسبة للاستثمار الأجنبي في تركيا، وخاصة فيما يتعلق بالعقارات. وسيستمر هذا الدعم من خلال تبسيط إجراءات شراء العقارات في تركيا للأجانب و تقديم الامتيازات والتسهيلات كالإعفاءات الضريبية، وجعل إجراءات الشراء تتم رقمياً، وتوفير برامج للمواطنة والإقامة سهلة و بتكاليف معقولة للمستثمرين الأجانب مقارنة بدول أخرى خاصة أوروبية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن تركيا قد تكون من بين الدول النادرة في أوروبا التي تقدم تصاريح الإقامة عند طريق ملكية العقار. فمثلاً لا تمنح المملكة المتحدة تصريح إقامة أو حتى الحق في التجنس عن طريق شراء عقار فيها.
تمتلك تركيا المقومات الأساسية لسوق عقاري دولي قوي، مما سيساعدها في تخطي التحديات الحالية و عودتها القوية في سوق العقارات الدولية.
اتجاهات سوق العقارات التركية في العام الجاري
شهد هذا العام اتجاهات مختلفة في سوق العقارات في تركيا، إلا أن اهتمام الروس في العقارات التركية لا يزال يحتل حيزاً و يهيمن على هذه الاتجاهات.
المستثمرون الروس على قائمة المستثمرين الأجانب
لطالما احتل الروس مكانة مميزة بين المتثمرين الأجانب في تركيا، خاصة في شراء العقارات التركية في المحافظات المطلة على البحر المتوسط و ذلك لعدة أسباب أهمها طبيعة هذه المدن المشمسة على مدار العام، مثل أنطاليا. إلا أن في هذا العام، ترأس الروس قائمة المشتريين الأجانب للعقارات التركية. فقد بلغ عدد العقارات التركية التي تم شراؤها عن طريق الروس 713 و فقاً لإحصائيات TUIK لشهر أكتوبر.
ارتفاع ملحوظ في أسعار العقارات
سجل هذا العام ارتفاع في أسعار العقارات و ذلك لعدة أسباب. أهمها، الزالزال المدمر الذي وقع في شهر فبراير و الذي في انخفاض توفر العقارات و خاصة السكنية. مما أدى إلى زيادة الطلب على العرض، و بالتالي إلى الارتفاع في أسعار العقارات.
بالإضافة إلى التضخم الذي أثر بدوره على أسعار العقارات في تركيا وتسبب في قفزة هائلة في أسعار البيع.
كما أن أسعار الإجارات أيضاً شهدت ارتفاعًا بسبب الارتفاع المستمر للتضخم. و الذي دفع بأصحاب المنازل إلى رفع رسوم الإيجار لمواجهة نفقات الحياة.
الأسئلة المتداولة
1- هل الاستثمار العقاري في تركيا آمن؟
كغيره من الاستثمارات، فإن الاستثمار العقاري عرضة للنجاح و الحصول على الفرص أو التحديات. ومع ذلك، يمكن تجنب أي مخاطر محتملة من خلال إجراء بحث شامل في السوق، والتعرف على كيفية الشراء و تكاليفها، و ما هو المطلوب من الشاري، و الأهم هو التعامل مع وكلاء للعقارات من ذوي الثقة و الخبرة.
2- ما هي أرخص المدن التركية من حيث أسعار العقارات؟
تعد ديديم ودالامان وقيصري وماردين من أرخص المدن في تركيا من حيث أسعار العقارات.
3- هل يسمح للأجنبي شراء عقار في تركيا؟
نعم، ولكن يجب أن لا يكون في منطقة محظورة كالمناطق العسكرية.
4- ما هي مدة الإقامة المسموح بها في حال تملك عقار في تركيا؟
يمكنك الحصول على تصريح إقامة قصير الأجل لمدة عامين أو طويل الأجل لمدة خمس سنوات عند شرائك لعقار في تركيا. يعتمد الفرق في المدة على نوع تصريح الإقامة الذي تقدمه.
5- هل يمكنني الحصول على الجنسية إذا قمت بشراء منزل في تركيا؟
يوجد برنامج للجنسية التركية عن طريق الاستثمار العقاري ينص على منح المستثمر الأجنبي الجنسية من خلال شراء عقار أو عدة عقارات بقيمة لا تقل عن 500.000 دولار أمريكي و أن لا يتم بيع العقار لمدة خمس سنوات على الأقل.
6- هل يمكنني الحصول على الإقامة في تركيا إذا قمت بشراء منزل؟
نعم يمكنك ذلك. تنص التغييرات الأخيرة في قانون الهجرة التركي على أنه كأجنبي يمكنك التقدم بطلب للحصول على إقامة قصيرة الأجل إذا قمت بشراء عقار بقيمة 75.000 دولار أو أكثر.
7- ما هي الجنسيات التي يمكنها شراء عقار في تركيا؟
يسمح القانون التركي لجميع الجنسيات بشراء العقارات في تركيا باستثناء السوريين والأرمن والكوبيين والكوريين الشماليين.